
لماذا يشعر السويديون بالتعب رغم “رفاهية” العمل والمعيشة؟
المتابع لأسلوب الحياة في السويد يستحضر في ذهنه صورة للعمل تتألف من وجود مكاتب أنيقة ومريحة على الطراز الإسكندنافي السويدي ، والاستمتاع بفترات راحة لاحتساء القهوة، وتناول شطائر القرفة المعروفة بـ”الفيكا”.
فضلا عن الانتهاء من العمل مبكرا أيام الجمعة لقضاء عطلة في ملهى ليلي أو كوخ يقع على شاطئ بحيرة…. رواتب جيدة ، خدمات كاملة ، مساعدات ورعاية ..وبلد نظيف وجميل ..هل هذه الحقيقة !
أن هذه الصورة التي تتسم بالرفاهية الشديدة للسويد لا يتمتع بها جميع العاملين في هذا البلد، إذ تشير الأرقام إلى أن السويديين لديهم مشاكل في قروض متعثرة وغارقين في تقسيط ما يشترونه من أجهزة وملابس وأثاث …ومستحضرات ومنتجات متغيرة ، وربما لو سألت مواطن سويدي عن ماهو أهم ما يفعله عند استلام راتبه لقال لك . دفع العشرات من الفواتير !!!
ولكم من جانب أخر تنتشر ثقافة العمل المرن في السويد ، فضلا عن إجازات سخية بالنسبة للأمهات وللآباء لرعاية أطفالهم الرضع _الأمومة المدفوعة بالراتب للجميع ) ، كما تكفل الدولة دعم سبل رعاية الأطفال من خلال سياسات دفع راتب للطفل + علاوة لمن ينجب اكثر من طفل …مع روضة ورعاية صحية ومدارس ووجبات غذاء مجانية للطلاب !
ولا يتخيل المرء أن تكون السويد دولة يعاني منها المواطن والمقيم بالإنهاك الشديد اقتصاديا وخلال العمل وبعده وطول العام . لكن هذا ما يحدث فعلا خلال السنوات الأخيرة ،
حيث شهدت السويد زيادة سريعة في لذين يعانون من أمراض مزمنة ذات صلة بالضغط، من بينها حالة مرضية اصطلح على تسميتها بـ”الإنهاك الإكلينيكي”.، وحالة من عدم الارتياح بالعمل ، وضعف الرواتب ، وغلاء الأسعار ، وبالتالي أنخفاض الرفاهية التدريجية .
وفيما يتعلق بالإرهاق والتعب والشعور بعدم الرغبة بالعمل ، فهو يزداد ، وقالت هيئة التأمين الاجتماعي السويدية إن الإصابة بمرض من هذه الفئة كان أكثر الأسباب شيوعا وراء تغيب السويديين عن العمل في عام 2018، بما يزيد على 20 في المئة من حالات التغيب والإعانات المرضية بين جميع الفئات العمرية.
وتسجل المرأة نسبة تغيب عن العمل لأسباب مرضية أعلى مقارنة بالرجال بسبب الإنهاك، إذ يقول الخبراء إن السيدات يقضين وقتا أطول في أداء المهام المنزلية سواء كان لديهن أطفال أم لا، كما تعمل المرأة أكثر من الرجال في مهن شاقة تتطلب رعاية آخرين مثل التمريض وقطاعات العمل الاجتماعي.
وفيما يتعلق بالأجانب والمقيمين ، فالأمر يختلف قليلا ، حيث سجلت تقارير أن حالة الإحباط لطول فترة تجهيز واستقرار الأجنبي الوافد الجديد في السويد ، وقلة فرص العمل والانتظار الطويل بالمنزل ،والاعتماد على توجيهات المؤسسات للحصول على المساعدات ، تسبب الانعزال التدريجي والشعور بالإحباط ، مما يسبب له خمول اجتماعي وعملي ،
“ضغط شديد مستمر”
كثير من المقيمين (المهاجرين الجدد) يشعر أيضا بالضغط عندما يحاول كسب المزيد من العروض المتاحة للحصول على فرصة عمل ، فيجد نفسه يقوم بالدراسة والبركتيك والتدريب ورعاية أسرته ، ويبدأ يشعر بالضغط التدريجي ، ويضيف التقرير : “إنها قضية معقدة، تضم كل شيء في حياة الإنسان، وبدأت السويد بالاعتراف بهذا النوع من المرض لاجتماعي الاكلينكي …
بيد أن البعض يبرر زيادة معدلات تلك الحالة في السويد، لكونها من طليعة الدول التي وضعت تشخيصا طبيا للحالة مما شجع الناس على الإفصاح عنها، كما جعل أرباب العمل أكثر تفهما وتقبلا للحالة.
ورغم ميل السويديين لطلب المساعدة والتمتع بالقدرة الاقتصادية، فمازال تفسير هذه المفارقة غير واضح ، في دولة مثل السويد يتمتع الفرد فيها بساعات عمل قصيرة ، وحياة منظمة وهادئة وحرية مطلقة ومساعدات اجتماعية تشمل الجميع !