
كاتبة سويدية: هذا هو الاندماج؟ يعيشون ويعملون ويتكلمون السويدية ويمارسون القمع ورفض قيمنا
هل هذا هو الاندماج الحقيقي؟ بقلم: صوفي لووينمارك – Expressen
في مقال رأي نُشر في صحيفة Expressen، تتناول الصحفية صوفي لووينمارك أزمة المفاهيم المرتبطة بالاندماج في السويد، تبدأ الكاتبة بسرد قصة رجل سويدي من أصول مهاجرة، أخذ أبناءه الفتيات القاصرات إلى غزة ورفض إعادتهم بعد اندلاع الحرب، مفضلًا أن ينشؤوا في بيئة تقوم على قيم دينية صارمة، بعيدًا عن “تأثير الفتيان السويديين” وقيمنا السويدية، على حد تعبيره. وعلى الرغم من أن هذا الرجل يُعد “نموذجًا ناجحًا” وفقًا لمؤشرات الاندماج الرسمية فهو يعمل ويعيل نفسه ويتحدث السويدية بطلاقة ويدفع الضرائب— كونه طبيبًا ميسور الحال، يعيش في مسكن جيد وسيارة حديثة — إلا أن الكاتبة تقول هل هذا هو الاندماج ! وتشكك في حقيقة اندماجه للثيم والمجتمع السويدي .
تستعرض الكاتبة مثالاً آخر من مدينة أوربرو وسط السويد، لرجل شاب حصل على جوائز عديدة باعتباره “قدوة شبابية” فهو يعمل ويدفع الضرائب ومبتكر ويتكلم السويدية بطلاقة، لديه منزل وسيارة ودخل جيد ويدفع الضرائب، لكنه شارك في أحداث شغب خلال احتجاجات إحراق المصحف، حيث هاجم الشرطة وهو مقنع بالحجارة، وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات فهل هذا القدوة السويدية يعتبر مثال للإندماج في قيم السويد بمهاجمة الشرطة ؟ . هذا التناقض، برأي الكاتبة، يكشف هشاشة الأسس التي تُبنى عليها مقاييس الاندماج الحالية في السويد.
الاندماج ليس وظيفة وسكنًا فقط؟
وتنتقد الصحفية الكاتبة السويدية لووينمارك اعتماد وكالة الإحصاء السويدية (SCB) على مؤشرات مثل العمل، التعليم، السكن والدخل لتحديد درجة الاندماج، مشيرة إلى أن هذه المعايير لا تكشف شيئًا عن القيم التي يحملها الفرد، أو مدى احترامه للمبادئ الديمقراطية والمساواة.
وتضيف أن أشخاصًا يدعمون منظمات إسلامية متطرفة، أو يقيدون حرية زوجاتهم وبناتهم بالسيطرة والتحكم في أجسادهم، لا يمكن اعتبارهم مندمجين لمجرد أنهم موظفون أو يمتلكون دخلاً جيدًا ويتكلمون السويدية.
ثقافة الشرف كأداة لفضح الخلل
وتشير الكاتبة إلى أن انتشار ثقافة “الشرف” وممارساتها – من مراقبة الفتيات داخل الأسرة، إلى تزويج القاصرات بالإكراه – والسيطرة على جسدهم وعلاقاتهم ، يعكس فشلًا واضحًا في الاندماج، لا تعالجه الأرقام ولا تُظهره الإحصاءات.
وتؤكد أن الوقائع في قضايا الحضانة وسحب الأطفال (LVU) توضح أن وجود وظيفة للرجل المهاجر وزوجته ,,, لا يمنع الأفراد من خلفيات مهاجرة من ممارسة العنف أو التقييد ضد أفراد أسرهم، بل أحيانًا يمنحهم غطاءً وقدرة أكبر على السيطرة، وبالتالي العمل ليس مؤشر اندماج!!!.
كما تسلط الضوء على تجربة حزب Nyans، الذي رُوّج له كرمز للتمثيل السياسي للأقليات، رغم أن تحقيقًا صحفيًا أظهر أن 20% من مرشحيه في سكونه نشروا محتوى يتضمن كراهية طائفية أو تمجيدًا للإرهاب، ومع ذلك اعتُبر ترشحهم في الانتخابات مؤشراً إيجابيًا للاندماج وفق بيانات SCB.
وتُشير الكاتبة إلى مبادرة حكومية أُطلقت في ديسمبر الماضي، كُلّف فيها SCB بإعداد دراسة أولية لاستكشاف طرق جديدة لقياس الاندماج لا تقتصر على الأبعاد المادية فقط، بل تشمل النواحي الاجتماعية والثقافية والديمقراطية.
لكن رغم المقترح بإجراء استطلاع يشمل 12,000 شخص، نصفهم من أصول أجنبية، فإن نسبة المشاركة المتوقعة قد لا تتجاوز 20%، ما يعكس صعوبة حقيقية في قياس الجوانب غير المادية من الاندماج.
وتختم لووينمارك مقالتها بالتأكيد على أن الوظائف والسكن مهمة في سياق الاندماج، لكنها ليست الأساس. فالتحدي الحقيقي يكمن في تغيير القيم، والانخراط في منظومة المجتمع الديمقراطي السويدي، وهو الأمر الذي لا يمكن فرضه بالقوانين أو تغطيته بالإحصاءات، بل يتطلب فهمًا أعمق وأدوات تقييم أكثر واقعية.
خلاصة المقال: لا يكفي أن يكون الفرد موظفًا أو حاصلًا على جائزة ليُعتبر مندمجًا. الاندماج الحقيقي يتطلب تطابقًا مع القيم الأساسية للمجتمع، بدءًا من المساواة وحرية الفرد، وصولًا إلى احترام القانون والديمقراطية.