
غالية… امرأة كسرت الحواجز منذ وصولها للسويد من قيادة الحفارة إلى معلمة في المدرسة
رغم موجات التضخم المتزايدة وارتفاع نسب البطالة في السويد، والتي قاربت على عشرة في المئة وفقاً لآخر إحصاءات هيئة الإحصاء السويدية، تبرز قصص ملهمة لأشخاص رفضوا الاستسلام للواقع القاسي. ومن بين هذه القصص، تلمع سيدة اسمها غالية، امرأة قدمت من الهند إلى السويد عام 2015، حاملة معها طموحاً لا ينكسر، وإصراراً حقيقياً على صناعة مستقبلها بيدها.
التحدي الأول: امرأة في مهنة رجالية
عند وصولها، اختارت غالية خوض تحدٍ غير تقليدي، قررت أن تتدرب على قيادة الحفارات الثقيلة، وهي مهنة غالباً ما يُنظر إليها كمجال خاص بالرجال. ورغم أن مكتب العمل لم يقدّم لها الكثير من البدائل، لم تتردد، بل اعتبرت ذلك فرصة لإثبات قدرتها وتحدي الصورة النمطية.
وبالفعل، بدأت مسيرتها المهنية بالتدريب داخل أكاديميات تساعد النساء المهاجرات على تعلم قيادة الحفارات. لاحقاً، حصلت على وظيفة في شركة متخصصة، لكن التجربة لم تدم طويلاً، إذ اضطر صاحب العمل لإنهاء عقدها بعد توقف الدعم الحكومي لمكتب العمل، مبرراً قراره بأسلوب مؤلم لكنه كان خارج عن إرادته.
عاطلة عن العمل.. لكنها لم تتوقف
وجدت غالية نفسها من جديد خارج سوق العمل، وقضت نحو عام كامل في البحث والتقديم لوظائف دون أن تُفتح لها أي أبواب. بدلاً من اليأس، قررت أن تعيد رسم طريقها. اختارت تغيير المسار بالكامل، وبحثت عن مجال دراسي قصير يعيدها بسرعة إلى سوق العمل، وبدون الحاجة إلى مستوى لغوي عالٍ.
اختارت مجالاً إنسانياً له بعد عملي قوي، وبدأت بدراسة مسار جديد يمكنها من الحصول على وظيفة في بيئة تعليمية أو صحية. ورغم مخاوفها من عدم قبولها لاحقاً بسبب نقص الخبرة، إلا أنها واصلت التحدي.
من مقاعد الدراسة إلى خدمة المجتمع
اليوم، تعمل غالية كمساعدة طلاب في مدرسة خاصة بمدينة أوربرو، وتحديداً مع طلاب من ذوي الإعاقات أو من تعرّضوا لسكتات دماغية. استطاعت أن تنقل مهاراتها إلى مكان يُقدّر جهودها، وها هي تُشرف على حصة أسبوعية في الطبخ، تهدف إلى تنمية مهارات التفكير والحركة لدى الطلاب.

تشرح غالية بحماس: “من خلال الطبخ، يتعلم الطالب الحساب والقياس، كيف يزن، وكيف يركز ويخطط… الأمر لا يقتصر على إعداد الطعام، بل هو تدريب عقلي وجسدي متكامل”.
ولم تكتفِ بذلك، بل سعت أيضاً إلى تطوير نفسها بتعلّم لغة الإشارة، لتعزيز فرصها المهنية والارتقاء بدورها في دعم الآخرين.
قدوة في زمن التحديات
قصة غالية ليست مجرد سيرة ذاتية لامرأة مهاجرة نجحت في الاندماج بسوق العمل، بل هي مرآة تعكس قوة الإرادة في مواجهة العوائق. هي رسالة بأن الفشل ليس نهاية الطريق، بل بداية جديدة لمن يرفض الاستسلام.
غالية اليوم تمثل نموذجاً للمرأة المكافحة، التي تصنع من الصعوبات جسراً للنجاح، وتُثبت أن المثابرة والرغبة في التعلم يمكن أن تغيّر المصير، حتى في وجه أصعب الظروف.