تقارير المركز السويدي للمعلومات SCI

المهاجرين في السويد يتجنبون العلاقات لهم ولأبنائهم داخل الجالية نفسها وعند زيارتهم لبلدانهم

بينما يُفترض أن تكون الروابط الثقافية والخلفية المشتركة سببًا للتقارب، تشير تجارب واسعة في السويد إلى العكس. إذ يفضل عدد متزايد من الأشخاص من أصول مهاجرة، العيش والعمل وحتى السفر بعيدًا عن “أبناء بلدهم” أو الأشخاص من نفس خلفيتهم الثقافية.



هذا التباعد لا يظهر فقط في الحياة اليومية في الأحياء السكنية أو أماكن العمل، بل يتعداه إلى تفاصيل أدق كاختيار الأصدقاء، وتفضيلات الجلوس في وسائل النقل، بل وحتى أثناء السفر والرحلات الجماعية داخل السويد أو خارجها. ورغم وحدة اللغة والدين والانتماء إلا أن تجنب العلاقات الاجتماعية يكون واضح خصوصا لو أختلفت الجنسيات بينهما رغم وحدة اللغة والدين!




في السويد.. تَجنُّبٌ داخل الجالية العربية الواحدة

يروي كثيرون من أبناء الجاليات الغربية المهاجرة،  أنهم يتعمدون عدم بناء علاقات جديدة مع أشخاص من خلفياتهم غربية ذاتها. بعضهم يرى أن الاحتكاك قد يؤدي إلى نقل سلوكيات يرفضونها كونهم عاشوا ونشاءوا وسطها ويعرفون هذه السلوكيات السلبية، أو  مشاكل  وتدخلات غير مرغوبة في حياتهم الشخصية خصوصا اختلاط الأطفال والمرهقين، بينما يعتبر آخرون أن الاختلاط مع “المجتمع السويدي الأوسع” يمنحهم شعورًا بالخصوصية والراحة.



وحتى على مستوى العائلات، يتجنب بعض الآباء تسجيل أطفالهم في مدارس أو أنشطة فيها كثافة من أصول مهاجرة من أقرانهم من نفس الخلفية، مفضلين بيئة أخرى قليلة المهاجرين يعتبرونها “أكثر حيادية” أو “أكثر انضباطًا” أو سويدية محلية.

المثير في هذه الظاهرة، أنها لا تتوقف عند حدود السويد. فالسويديين من أصول مهاجرة وخلال السفر والزيارات   إلى بلدانهم الأصلية، يرفضون احتكاك أبنائهم بأطفال ومراهقين في البلد الأم.. ففي كثير من الحالات، يرفض الآباء السماح لأبنائهم بالاختلاط بأطفال من نفس أعمارهم في الحي أو العائلة الموسعة داخل بلدهم الأم.



الحجج متعددة: “فرق في العادات”، أو “الخشية من التأثير السلبي”، أو حتى “مستوى مختلف من التربية” وغالباً الألفاظ السيئة التي قد تنتشر في البلد الأم بين المراهقين.
هذه المفارقة تؤشر إلى تحوّل اجتماعي عميق، حيث يتحول المهاجر نفسه إلى شخص متحفظ اجتماعيًا ليس تجاه المجتمع المضيف فحسب، بل تجاه مجتمعه الأصلي أيضًا. وهنا تظهر ملامح تغيير في ثقافة وقيم المهاجر في السويد الذي يتجه نحو الخصوصية والرغبة في وضع الحدود الاجتماعية المشددة حتى بين معارفه!



وهذه الظاهرة هي من قيم المجتمع والعائلة السويدية ، حيث  أظهر استطلاع جديد أجرته شركة YouGov لصالح شركة السفر Ving أن غالبية السويديين “المحليين” يفضّلون الحفاظ على مسافة من أبناء وطنهم السويديين خلال السفر.  بمعنى أن تقابل عائلة سويدية عائلة أخرى في بلد مثل تركيا أثناء السفر، سيكون لقاء عابر يرفض فيه السويديين التقارب لعم ولأبنائهم مع ابناء العائلة السويدية الأخرى..!!



وبحسب النتائج التي نشرتها وكالة الأنباء TT، قال 52% من المشاركين إنهم يحيّون السويديين الذين يقابلونهم أثناء العطلات، لكنهم يفضلون قضاء الوقت بمفردهم بعيد عنهم إذا كانوا مثلا في نفس الفندق بعد ذلك.
بينما 13% فقط يبحثون بنشاط عن صداقات جديدة مع سويديين جدد ولكن بحذر ومن نفسه الخلفية الثقافية خلال الرحلات، و12% يحاولون الابتعاد عنهم تمامًا وتجاهلهم بشكل كامل. خصوصاً العائلات




من هم الأكثر انفتاحاً من السويديين والأصول المهاجرة؟

  • الفئة العمرية الشباب العازبين بين 18 و39 عامًا كانت الأكثر ميلًا للتواصل.
  • الرجال أظهروا انفتاحًا أكبر مقارنة بالنساء (16% من الرجال مقابل نسبة أقل من النساء).

ورغم ذلك، قال كلاس بيلفيك، رئيس قسم الاتصالات في شركة Ving، إن السويديين يُعتبرون أكثر اجتماعية من جيرانهم في النرويج والدنمارك، حيث لم تتجاوز نسبة الراغبين في تكوين صداقات جديدة خلال السفر 8% للنرويجيين و4% للدنماركيين.




المفارقة: عزلة اختيارية تتجاوز الحدود

بينما يشير سلوك السويديين إلى ميل عام للخصوصية والانعزال الهادئ فهذه هي ثقافتهم والقيم التي ينتمون لها ،  لكن اللافت في سلوك كثير من المهاجرين هو أنهم لا يكتفون بالعزلة عن المجتمع السويدي، بل يمارسون عزلة مزدوجة، يتجنبون فيها أبناء جلدتهم داخل السويد وخارجها.
ظاهرة قد تفسرها عوامل نفسية وثقافية، لكنها تثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات الاجتماعية في بيئة تتعدد فيها الخلفيات وتتشابك فيها الانتماءات.



  المصدر: وكالة TT السويدية
  إعداد وتحرير: المركز السويدي للمعلومات | www.centersweden.com

زر الذهاب إلى الأعلى