سوريا.. الأسواق تعلن وفاة الليرة السورية والدولار يلهب أسعار المواد الغذائية في سوريا
الليرة السورية لا قيمة لها … التجار الذين يستخدمون الدولار واليورو لتقييم تجارتهم ، لكن الليرة السورية لم تعد ذات قيمة لديهم .
تتجول امرأة سورية بين محال سوق الخضار الشعبي في حي ركن الدين، وتتلفت بتعجب واستنكار إلى لوحات الأسعار المعلقة على كل نوع من الخضار والفواكه، تحرك شفتيها وتقول بصوت منخفض: لم تكن هذه الأسعار موجودة قبل يومين، بل هي ضعف ما كانت عليه تماماً.
تكمل أسماء الطحان … جولتها في السوق من أجل الحصول على مستلزمات غداء عائلتها، فقد كان آخر تسوق لها منذ يومين حصلت خلاله على ما يكفي منزلها تلك المدة، لكن لا تدري ما الذي حدث وجعل الأسعار تتضاعف بهذا الشكل.
فهي لا تهتم بالدولار وارتفاع سعره ، لأنها لم تراه من قبل !، لا يعنيها الأمر لأنها من طبقة الموظفين متوسطة الحالة، وحديث عائلتها بالعملة المحلية دائماً (الليرة) ، فقد كانت تظن حسب قولها إن الحديث بالدولار حكر على الطبقة الثرية والتجار، ولا تعرف أن موضوع الدولار بات يتعلق بقوت عائلتها…
فعندما تسأل بائع الخضار لماذا الأسعار ارتفعت فيقول لها بسبب الدولار ..وتقول “أسماء الطحان” هل الطماطم يتم استيرادها أو تزرع بالدولار ؟
لقد أصبح الدولار يتلاعب بأسعار المواد الأساسية في سوريا، وأدى تهاوي الليرة إلى أزمة ، بعدما تخطى الدولار حاجز الألف ليرة، ليصبح شراء السلع الأساسية أمرا صعب المنال.
وتقول “أسماء” الحل الوحيد أمام العائلات ،هو وجود أحد الأقارب خارج سوريا يساعدهم من خلال إرسال مبلغ بالعملة الأجنبية ، دون ذلك فنحن في معاناة يومية للحصول على مواد غذائية رخيصة
تقترب ” أسماء” من بائع يُقدم الطماطم (البندورة) على باقي الخضراوات في دكانه ، فهي أفضل بضائعه، لكن بعد أن أمسكت بواحدة منها أعادتها وقلبت كفيها، لأن السعر المكتوب وصل إلى أكثر من الضعف 590 ليرة أيّ ما يعادل نصف دولار أميركي.
هذا السعر مرتفع جدًا في بلد مثل سوريا، كيف لا وقد كان قبل يومين فقط بـ 220 ليرة للكيلوغرام الواحد، تقول المواطنة السورية ” أسماء” ذلك خلال حديثها مع مراسل رويترز .
وتضيف أنها كانت تنوي يومها أن تطبخ طعاماً يعتبر غير مكلف لأنه يعتمد على صنفين اثنين الطماطم “البندورة” والقليل من البطاطا والأرز ، لكن لم يعد الأمر كذلك في ظل تلك الأسعار.
فإعداد طعام الغداء لذلك اليوم كان سيكلف أسماء نحو أربعة آلاف ليرة ما يقارب 8% من راتب زوجها الشهري الذي يبلغ أقل من 65 ألف ليرة . ألغت الفكرة وعادت أدراجها وقررت طهي ما توفر من مواد غذائية يتم تجهيزها منذ بداية العام ، تُخزن لاستخدامها خلال السنة في ما يعرف داخل سوريا بـ “المونة” ، أيّ المواد التي لا تفسد خلال مدة التخزين، ويتم استهلاكها خلال العام.
الحلول المتاحة
عندما كان السوريون ينتظرون داخل مناطق النظام حلولاً منطقية، تخفف من الأزمة الاقتصادية التي تعانيها منازلهم، أصدرت رئاسة الوزراء قراراً يحد من الكميات التي يمكن أن تحصل عليها كل عائلة من الأغذية المدعومة حكومياً، الأمر الذي فاقم من الأزمة.
فقد بات الحصول على السكر والزيت والشاي وغيرها من المواد الأساسية أمراً صعب المنال، خصوصاً لو نفدت الكمية المدعومة التي سيسمح للمواطن بالحصول عليها، فالدخل الشهري لأي مواطن يعمل داخل القطاعين الخاص أو العام لا يتجاوز خمسين دولارا، وهذا مبلغ لا يكفي أبداً.
ويطرح تساؤل: كيف تتدبر العوائل نفسها؟ تجيب المواطنة نفسها بالقول إن الحل الوحيد المعتمد لدى كثير من العوائل هو وجود أحد أقربائهم خارج البلاد، يساعدهم من خلال إرسال مبلغ بالعملة الأجنبية شهرياً. ودون ذلك معاناة كبيرة وظروف معيشة قاسية .