تقارير المركز السويدي للمعلومات SCI

تغيّر ثقافي في السويد: تراجع ثقافة العُري في المسابح تحت تأثير ثقافة المهاجرين

تشهد المسابح في السويد ظاهرة اجتماعية لافتة، تتمثل في تراجع تدريجي لثقافة التعري الجماعي، التي لطالما اعتُبرت جزءاً طبيعياً من أسلوب الحياة السويدي في المسابح والحمّامات العامة. هذا التحوّل لا يأتي من فراغ، بل يرتبط بشكل مباشر بتنوّع الخلفيات الثقافية للمجتمع السويدي الحديث، حيث بدأت قيم الجاليات المهاجرة، لاسيما المحافظة منها، تُحدث تأثيراً ملحوظاً على العادات العامة.



من الكباب إلى القيم الاجتماعية

كما أصبحت بعض المأكولات الشرقية مثل الكباب والفلافل جزءاً من “المطبخ السويدي الشعبي”، فإن قيم الحشمة وعدم التعري بدأت بدورها تترسخ تدريجياً، خاصة في المرافق العامة مثل المسابح.
هذا التأثير لا يقتصر على المهاجرين أنفسهم، بل يطال السويديين أيضاً، بمن فيهم الأطفال والمراهقون، الذين أصبحوا أكثر تحفظاً في تعاملهم مع الجسد في الأماكن العامة. كثير من الفتيات المراهقات – السويديات … يتأثرن بالخلفيات الإفريقية أو العربية في تعاملهم بالمسبح – حيث  يُبدين رفضاً واضحاً لفكرة خلع الملابس أثناء الاستحمام، ويفضلن استخدام الستائر أو الكبائن المغلقة.




“الجرأة على التعري” أصبحت نادرة

يُعلق الباحث في التاريخ الثقافي هنريك بغيريوس (Henrik Berggren) بأن دخول المسبح اليوم دون ملابس “يتطلب شجاعة حقيقية”، رغم التناقض الظاهري مع انفتاح الناس على إظهار أجسادهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
المفارقة، بحسب بغيريوس، أن الناس لم يعودوا يرفضون إظهار أجسادهم بشكل مطلق، بل يريدون فعل ذلك وفق خصوصية .



في مدارس مدينة يوتيبوري (Göteborg)، عبّر طلاب الصف السادس “السويديين” في مسبح أنغريد (Angered) عن شعورهم بعدم الأمان أثناء الاستحمام عراة، وعدم الارتياح ما يدفعهم لاستخدام دورات المياه أو الاستحمام خلف ستائر.
أما في مسبح فالهالا (Valhalla)، فرغم وضع ستائر داخل غرف تبديل الملابس، لا تزال المشكلة قائمة، ما دفع الإدارات لتوفير كبائن مغلقة بعد رغبة الزوار بذلك من خلفيات سويدية .




وفقًا لـ كاري ترايده (Kari Trahede) من الاتحاد السويدي لقطاع المسابح، فإن ارتداء ملابس السباحة أثناء الاستحمام قبل النزول إلى الحوض يقلل من النظافة، إذ يحمل معه العرق ومخلفات مستحضرات التجميل والجلد الميت إلى المياه.
وفي مسبح Åbybadet، اضطرت البلدية لزيادة نظام تنقية المياه وتحمل نفقات إضافية لمواجهة هذه الظاهرة.



مزيج من العوامل: الحياء، التكنولوجيا، والهجرة

التحول لا يتعلق فقط بالحياء أو القيم الثقافية. فوجود الهواتف المحمولة المزودة بالكاميرات، رغم حظر استخدامها منذ 2020، يزيد من حذر الناس، لا سيما الأطفال والمراهقين، من التعري في الأماكن المشتركة.




مشهد جديد للمجتمع السويدي

السويد التي طالما اعتُبرت مجتمعاً منفتحاً في ما يخص الجسد والعري، تشهد اليوم إعادة تشكيل ثقافي تدريجي بفعل التفاعل بين الثقافات المختلفة. فالحشمة لم تعد سلوكاً خاصاً ببعض الجاليات، بل تحوّلت إلى سلوك شائع ومقبول حتى بين أبناء المجتمع السويدي ذاته.




وختامًا، يبدو أن ما يجري في المسابح هو أكثر من مجرد خلاف على طريقة الاستحمام. إنه مشهد يعكس تحولاً في القيم الجماعية واندماج ثقافات متعددة في هوية سويدية جديدة، أكثر تنوعًا ومرونة.



زر الذهاب إلى الأعلى