تقارير المركز السويدي للمعلومات SCI

ترحيل إجباري لشباب عاشوا سنوات في السويد رغم بقاء عوائلهم في السويد.. والسبب؟

تحقيق صحفي – 1 أغسطس 2025

تتزايد حالات ترحيل شباب من أصول مهاجرة عاشوا سنوات طويلة في السويد، بعدما بلغوا سن الـ18، ولم يعد يُنظر إليهم قانونياً كجزء من أسرهم. هؤلاء الشبان، رغم إقامتهم مع عائلاتهم واندماجهم الكامل في المجتمع، يُجبرون على مغادرة البلاد بسبب عدم امتلاكهم “سبباً مستقلاً” للإقامة، وفق التعديلات التي طالت قانون الأجانب بعد موجة اللجوء في 2015.



أحد هذه الحالات هي الشابة كارل نينسيما (21 عاماً) التي وصلت السويد منذ أكثر من أربع سنوات برفقة والدتها وإخوتها، ونجحت في إكمال دراستها وتعلُّم مهنة الطهي. ورغم أنها لا تزال تعيش مع أسرتها، أُبلغت مؤخراً بقرار ترحيلها إلى أوغندا، لأنها لم تعد تعتبر قانوناً “طفلة تابعة للعائلة”.



شقيقها بول كاتيندي، 19 عاماً، يواجه المصير نفسه، إذ يُتوقع أن يُطلب منه في الخريف تقديم أساس قانوني فردي لتجديد إقامته، رغم أنه لا يزال طالباً في المرحلة الثانوية.

شروط الإقامة الجديدة: من الأسرة إلى الفرد

القانون السويدي ينص على أن أي شخص يبلغ سن الـ18 يجب أن يثبت أسباباً شخصية للإقامة، مثل عقد عمل براتب شهري لا يقل عن 29,680 كرونة (منذ رفع الحد الأدنى في نوفمبر 2023)، أو القبول في دراسة بشروط معينة.
مصلحة الهجرة (Migrationsverket) أوضحت أن الشبان الذين لا يملكون أسباب لجوء شخصية أو لا يستوفون شروط العمل أو الدراسة، لا يمكنهم البقاء في البلاد، حتى وإن كانت عائلاتهم تتمتع بالحماية القانونية نفسها.



محامون: “ترحيل المراهقين” أصبح ظاهرة

محامون وخبراء في شؤون الهجرة يؤكدون أن هذه الحالات ليست فردية بل أصبحت واسعة النطاق.
سيلاس أليكي، محامٍ في مكتب المساعدة الشعبية، قال إن مكتبه يتابع حالياً عشرات الملفات المشابهة، واصفاً الظاهرة بأنها “عواقب صامتة لسياسات الهجرة”.
أما توماس فريد من مكتب فريد للمحاماة فأوضح أنهم يتلقون أسبوعياً اتصالات من أسر تواجه هذه المشكلة، مشيراً إلى أن معظم الطعون ضد قرارات الترحيل تُرفض، وأن فرص النجاح في المحكمة ضعيفة في ظل غياب تشريعات واضحة تخص هذه الفئة من الشباب.




ثغرة قانونية: المراهقين البالغون لا يُعتبرون “جزءاً من العائلة”

ريبيكا ثوربورن ستيرن، أستاذة القانون الدولي، توضح أن الإشكالية القانونية تكمن في أن الشبان الذين يبلغون 18 عاماً لم يعودوا يُعتبرون، حسب القانون، جزءاً من الأسرة النواة، حتى وإن كانوا يعيشون معها.
تقول: “القانون يُعاملهم كبالغين مستقلين، لكن من الناحية الاجتماعية والواقعية، هم لا يزالون أطفالاً في كنف أسرهم”.




غياب التوجيه القضائي والنقاش السياسي

لا توجد حتى الآن سوابق قضائية واضحة ترسم الخط الفاصل في هذه القضايا. بحسب المحامي فريد، فإن قضيتي ترحيل فقط تم إلغاؤهما بقرارات قضائية، بينما تم رفض معظم القضايا الأخرى، ما يعكس غياب قاعدة قانونية مستقرة.
كما أن الدعم القانوني المجاني غير متوفر دائماً، مما يجعل العائلات محدودة الإمكانات تواجه قرارات مصيرية دون تمثيل قانوني فعّال.



فريد يرى أن الشباب الذين جاؤوا إلى السويد في وقت كانت فيه الرسالة السياسية واضحة: “الاندماج يؤدي إلى الإقامة”، يعيشون اليوم صدمة قانونية، حيث انقلبت هذه القاعدة دون نقاش سياسي فعلي أو توعية بالأثر الاجتماعي.



خلفية التعديلات القانونية

أدخلت السويد بعد عام 2015 مجموعة من التغييرات التشريعية في ملف الهجرة، من أبرزها:

  • إلغاء الإقامة الدائمة التلقائية واستبدالها بإقامات مؤقتة
  • رفع متطلبات الدخل للحصول على الإقامة الدائمة أو تمديدها
  • اشتراط “سبب مستقل” للإقامة بعد سن 18




هذه التعديلات، التي بدأ تطبيقها تدريجياً منذ 2016، ترافقت مع بطء في المعالجة أدى إلى أن كثيراً من الأطفال بلغوا سن 18 قبل الحصول على إقامة دائمة.

وفي عام 2023، ألغت الحكومة الحالية تعديلاً سابقاً كان يهدف إلى تسهيل بقاء الشباب الذين نشأوا في السويد، وهو قرار حظي بدعم من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (Socialdemokraterna).



تحرير: المركز السويدي للمعلومات | www.centersweden.com

زر الذهاب إلى الأعلى