
المهاجرين في السويد.. جدل “هل قرض البنوك السويدية لشراء منزل أو سيارة حلال”
“هل هذا حلال أم حرام؟”.. تساؤلات تُسيطر على حياة مسلمي السويد
قد لا تكون عبارة “هل هذا حلال أم حرام؟” جزءًا من الحياة اليومية للمسلمين في بلدانهم الأصلية، ولكنها تتحول إلى سؤال مركزي في حياة كثير من المسلمين المقيمين في السويد. من الطعام إلى الزواج، ومن القروض البنكية إلى طبيعة العمل، تظهر هذه التساؤلات بشكل يومي:
هل هذا اللحم حلال؟
هل هذا القرض حلال؟
هل يمكن الزواج دون تسجيل رسمي؟
وغيرها الكثير.
واقع جديد وأسئلة جديدة
مع مرور سنوات على موجات الهجرة الكبرى إلى السويد ودول أوروبية أخرى، استقر الكثير من المسلمين في مجتمعات غربية غير إسلامية. وبعد تجاوز مراحل الدراسة والعمل، يبدأ كثيرون منهم بالتفكير في بناء مستقبل أكثر استقرارًا، مثل شراء سيارة حديثة أو منزل للعائلة.
لكن في السويد، كما في أغلب الدول الأوروبية، تعتمد رفاهية الحياة على نظام “اشترِ الآن وادفع لاحقًا” عبر قروض ميسرة، غالبًا ما تكون بفائدة بنكية تُصنَّف دينيًا بأنها “ربا”.
القروض.. بين الضرورة والحرمة
لسنا في هذا المقال بصدد تقديم فتوى دينية، ولكننا نسلط الضوء على الجانب الاجتماعي والديني لهذه الظاهرة، والتي تعتبر محل جدل واسع داخل المجتمع المسلم في السويد. فبينما يرى كثيرون أن القروض الربوية محرمة بشكل قاطع وفقًا للتعاليم الإسلامية، يعتمد آخرون على فتاوى صادرة من مراكز دينية تتيح أخذ القروض بشروط معينة.
وفقًا لهذه الفتاوى، فإن القروض الربوية قد تُجاز في حالات الضرورة، مثل شراء منزل في بلد غير مسلم، بشرط عدم توفر بدائل واقعية كالادخار أو السكن بالإيجار أو الاقتراض الحسن من معارف. لكن هذه الفتاوى تُعتبر من الآراء الأقل شيوعًا، وتضع شروطًا صارمة تجعل استخدامها محدودًا.
موقف المؤسسات الدينية
المؤسسات الإسلامية الكبرى ورجال الدين الغالبون يرفضون هذه القروض بشكل عام، حتى في حالات الاستقرار في الغرب، ويؤكدون حرمة القروض الربوية سواء لشراء منزل أو سيارة أو غيرها. لكن، كما أشرنا، هناك من أجازها في أضيق نطاق، أبرزهم المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، الذي اعتبر أن بعض الحالات تستدعي استثناءات محددة بدقة.
ومع ذلك، تتفق أغلب المرجعيات الإسلامية على رفض القروض الربوية تمامًا في الأمور غير الضرورية، مثل شراء سيارة أو تمويل السفر، باستثناء حالات إنسانية نادرة تمس الحياة أو الكرامة الإنسانية.
الحلال والحرام في تفاصيل الحياة اليومية
النقاش حول الحلال والحرام لا يقتصر على القروض فقط، بل يمتد إلى الطعام والعمل والحياة اليومية للمسلمين في السويد. فبعض المهاجرين يرفضون العمل في المطاعم التي تبيع لحم الخنزير أو الكحول، في حين يرى آخرون أن ذلك مقبول بشروط أو في حالات الضرورة.
هذا الجدل يعكس وجود توجهين داخل المجتمع المسلم في السويد:
الأول يسعى للاندماج مع الحفاظ على الضوابط الدينية والعقائدية،
والثاني أكثر مرونة في تفسير الحلال والحرام، ويأخذ بفتاوى الأقلية التي تُجيز بعض الأمور المحرمة في ظروف محددة، من باب التيسير وجلب المنافع.
خلاصة:
“هل هذا حلال أم حرام؟” ليست مجرد جملة عابرة، بل تحولت إلى بوابة نقاش عميق حول كيفية التوفيق بين متطلبات الحياة الحديثة والالتزام الديني. وتبقى الإجابات متباينة بين الفقهاء، وبين المسلمين أنفسهم، في ظل سعي دائم للتوازن بين الواقع والعقيدة.