قضايا وتحقيقات

المهاجرين في السويد يفقدون حقوقهم.. وسمعة السويد الدولية في التعامل مع المهاجرين مهددة

في تحوّل حاد عن المسار الذي اتبعته السويد لعقود، حذر باحثون من أن البلاد قد تخسر موقعها المتقدم بين الدول الأوروبية في مؤشرات اندماج المهاجرين، نتيجة للتوجهات السياسية الجديدة التي تقودها الحكومة الحالية بدعم واضح من التيار اليميني المتشدد، ممثلاً بحزب ديمقراطيو السويد (SD) بقيادة جيمي أوكيسون.
الباحث في جامعة مالمو، هنريك إميلسون، المسؤول عن الجزء السويدي في مشروع MIPEX العالمي الذي يقيس سياسات دمج المهاجرين في أوروبا، أشار إلى أن التحولات الأخيرة في سياسات اللجوء والهجرة من شأنها أن تُفقد السويد ترتيبها المتقدم، وربما تهبط بها إلى المرتبة العاشرة أو أدنى، بعدما حافظت لسنوات على الصدارة الأوروبية بفضل نموذجها القائم على المساواة الحقوقية بين المهاجرين والمواطنين.




إميلسون أوضح أن السياسات الجديدة تتجه نحو تقييد الوصول إلى الحقوق الأساسية، مثل حق لمّ الشمل، والحصول على الإقامة الدائمة، والجنسية، إضافة إلى تقليص المساعدات الاقتصادية والاجتماعية، ما يجعل السويد أقل جاذبية للباحثين عن الحماية.
تأتي هذه التغييرات في ظل تصاعد الخطابات اليمينية، وخصوصًا من حزب ديمقراطيو السويد (SD) الذي يُعد القوة السياسية الداعمة لتشكيل الحكومة الحالية، رغم عدم مشاركته رسميًا فيها. الحزب معروف بمواقفه المتشددة تجاه المهاجرين، ويُتهم باستخدام خطاب سياسي يستهدف المسلمين والمقيمين من أصول غير غربية، وربطهم مرارًا بالجريمة والفشل في الاندماج.




ومن بين الأمثلة البارزة على تلك الخطابات:

  • تصريحات جيمي أوكيسون المتكررة التي يربط فيها بين “الهوية الإسلامية” و”تهديد القيم السويدية”.
  • حملات إعلامية شنها الحزب تربط بين اللاجئين وتفشي الجريمة أو ضعف التحصيل الدراسي.
  • دعوات قياديين في الحزب لتقليص حقوق المهاجرين “حتى لا يصبحوا عبئًا على النظام الاجتماعي”، على حد وصفهم.

اقتراحات حكومية تُقصي فئات واسعة من المجتمع

ضمن المقترحات التي يُتوقع أن تنعكس سلبًا على ترتيب السويد في مؤشرات الاندماج:

  • حرمان المهاجرين الجدد من المساعدات المالية الأساسية، مثل بدل الأطفال، ودعم السكن، وتعويضات المرض، خلال السنوات الخمس الأولى من إقامتهم.
  • تعقيد شروط الحصول على الإقامة الدائمة والجنسية، وربطها بمتطلبات لغوية ومعيشية مشددة.
  • إلغاء سياسات الاندماج السابقة التي كانت تمنح المهاجرين حقوقًا شبه متساوية مع المواطنين بعد حصولهم على الإقامة.




ورغم أن السويد لا تزال في مقدمة دول الاتحاد الأوروبي من حيث البنية القانونية التي تكفل الحقوق للمهاجرين، فإن هذه الحقوق باتت معرضة للتآكل تدريجيًا، بحسب ما يشير إليه التقرير الأخير الصادر عن MIPEX. التقرير ذاته شدد على أهمية الاستثمار في التعليم والمشاركة الديمقراطية للمهاجرين، واعتبرها مفتاحًا لبناء مجتمعات مستقرة ومتماسكة.




ومن جهة أخرى، أشار إميلسون إلى المفارقة الصارخة: فرغم أن السويد تعاني من فجوة في سوق العمل بين السكان المحليين والمهاجرين، إلا أن نسبة اللاجئين العاملين فيها تفوق دولًا أوروبية أخرى. وهذا يطرح تساؤلات حول فعالية السياسات الجديدة التي بدلاً من تعزيز فرص الاندماج، تبدو وكأنها تسعى إلى تقليصها وإعادة إنتاج التهميش.

مستقبل غامض لسياسة الاندماج السويدية

الباحثون يحذرون من أن هذه السياسات لا تؤدي فقط إلى إضعاف فرص الاندماج للمهاجرين الجدد، بل تهدد كذلك التماسك الاجتماعي والديمقراطي على المدى البعيد، خاصة في حال استمرار الخطاب الشعبوي المعادي للأجانب في توجيه الرأي العام وصناعة القرار السياسي.

ويُختتم التقييم بعبارة لافتة من الباحث إميلسون:

“لقد تحولنا من نموذج إنساني كنا نفتخر به عالميًا، إلى سياسة تُشبه الحد الأدنى الأوروبي… الفرق أن من يأتون اليوم سيواجهون حواجز لم يعرفها من سبقهم.”




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى