مجتمع

الشرطة السويدية ترفض تظاهر مجموعة مسيحية ضد مسيرة للمثليين.. والمحكمة تتدخل!

تنتقد رفض الشرطة طلبا للتظاهر

 أصدرت محكمة إدارية في العاصمة السويدية ستوكهولم قراراً يُلغي رفض الشرطة منح ترخيص لمجموعة مسيحية أرادت تنظيم تجمع سلمي في المكان والوقت نفسه الذي تمرّ فيه مسيرة “برايد” (Pride). واعتبرت المحكمة أن رفض الشرطة يتعارض مع الحقوق الدستورية المتعلقة بحرية التعبير والتجمع، وأن مخاوف الشرطة بشأن احتمال وقوع اضطرابات لم تستند إلى أدلة ملموسة.




الجماعة المسيحية التي طلبت التصريح قالت أنها طالبت بتنظيم وقفة سلمية قرب ساحة “ستوربلان” الشهيرة في ستوكهولم في الثاني من أغسطس 2025، أي بالتزامن مع مرور موكب “برايد للمثليين” في الجوار. ووفق ما جاء في طلب التصريح، أرادت المجموعة الحديث أمام جمهور من نحو 50 شخصًا عن رؤية الكتاب المقدس للحب والعلاقات الخاصة بين الذكر والانثى الأزواج، والتأكيد على أن الطبيعة البشرية قائمة على جنسين أساسيين هما الرجل والمرأة.



الشرطة السويدية رفضت… والمحكمة السويدية أبطلت القرار

الشرطة السويدية كانت قد رفضت طلب التجمع، مشيرة إلى احتمالية وقوع اضطرابات أو مواجهات مع مشاركين أو مشاهدين من جمهور مسيرة “برايد”، الأمر الذي قد يعرّض سلامة المشاركين المسيحيين للخطر. لكن المحكمة رأت أن هذه المخاوف مجرد افتراضات عامة لا تستند إلى معطيات واقعية أو تهديدات ملموسة، وبالتالي لا تبرر حرمان المجموعة من حقها في التعبير.




انتقادات لفرضية “التصعيد من الطرف الآخر”

في حيثيات الحكم، انتقدت المحكمة فكرة أن احتمال رد فعل عدواني من جمهور “برايد” يجب أن يؤدي تلقائياً إلى منع الطرف الآخر من التعبير عن رأيه. وذكّرت المحكمة بأن حرية التعبير والتجمع حقوق دستورية لا يمكن الحد منها إلا لأسباب ضرورية ومثبتة، وليس فقط بسبب “توقعات” غير مؤكدة بوقوع مشاكل.



رسالة واضحة: لا يجوز كتم الآراء “غير الشائعة”

القضية سلطت الضوء على جدل متزايد في السويد بين حرية التعبير من جهة، وبين الرغبة في حماية الفئات المختلفة من أي خطاب يُنظر إليه على أنه غير متسامح. ورأت المحكمة أن الموقف المحافظ للمجموعة المسيحية لا يعني بالضرورة أنه عدائي أو معادٍ، بل يمثل وجهة نظر دينية وأخلاقية يجب حمايتها بموجب القانون، خاصةً إذا تم التعبير عنها بطرق سلمية.




المجموعة أوضحت أنها لا تهاجم “مسيرة برايد” بحد ذاتها، بل تسعى إلى تقديم موقف بديل يرفض مفاهيم “الجنس الثالث” أو ثقافة الجنس غير الثنائي، ويؤكد على مفهوم الثنائية البيولوجية: ذكر وأنثى. وهو ما اعتبره البعض محاولة لإحداث توازن في الفضاء العام السويدي الذي بات، بحسبهم، يميل إلى رفض أي طرح محافظ فيما يخص الهوية الجنسية.




الشرطة في موقف محرج

من جانب آخر، وُجهت انتقادات لشرطة ستوكهولم بسبب ما اعتبره البعض ازدواجية في الموقف، حيث تشارك الشرطة علنًا في مسيرات “برايد” بزيها الرسمي، بينما ترفض السماح لجماعات دينية محافظة بالتعبير عن وجهات نظر كتبهم المقدسة في حالة اجتماعية، بحجة الخوف من الفوضى.




ورأت المحكمة أن على الشرطة – بدلًا من المنع – تحمّل مسؤولياتها الأمنية في تأمين الفعاليات العامة مهما كانت الآراء المطروحة، وأن تتعامل مع التحديات المحتملة من خلال تعزيز التواجد الأمني أو وضع ترتيبات خاصة، لا عبر المنع المسبق للتجمعات.




القرار القضائي يبعث برسالة قوية: حرية التعبير ليست حكرًا على فئة دون أخرى، وعلى الدولة ضمانها حتى وإن تعلق الأمر بآراء غير رائجة. وفي هذا السياق، يبدو أن الدعوة إلى العودة إلى القيم الجنسية التقليدية ما زالت تجد صدى في السويد – رغم التحديات الثقافية والسياسية المحيطة بها.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى