
السوسيال السويدي بين ازدواجية المعايير: حماية الطفل من أسرته وتجاهل العنف المدرسي
تُعَدُّ السويد من الدول التي تولي اهتمامًا كبيرًا بحماية حقوق الطفل وضمان سلامته، سواء داخل الأسرة أو في البيئة المدرسية. ومع ذلك، يلاحظ بعض الآباء والمراقبين وجود تباين في سرعة واستجابة الجهات المعنية، خاصة “المدرسة” و “السوسيال” (الخدمات الاجتماعية)، عند التعامل مع حالات الخطر التي يتعرض لها الأطفال والمراهقون في المنزل مقارنة بتلك التي تحدث في المدارس.
التدخل السريع في حالات الأسرة:
عند وجود تقارير أو مؤشرات على تعرض طفل أو مراهق للخطر داخل الأسرة، مثل الإهمال أو المنزلي، تتدخل المدرسة بسرعة فائقة لأسال إشعار قلق للسوسيال ، و يتدخل السوسيال بسرعة لفتح تحقيقات واتخاذ إجراءات قد تصل إلى سحب الطفل من بيئته الأسرية. يأتي هذا التدخل السريع استنادًا إلى مبدأ حماية الطفل وضمان سلامته كأولوية قصوى.
التعامل مع في المدارس:
ولكن في المقابل، عندما يتعرض الطفل أو المراهق إلى أو التنمر في المدرسة، يبدو أن التدخل يكون أقل حدة وأبطأ. فالمدرسة تبدأ في تكرار معلومات حول السلامة وما ينبغي وما لا ينبغي ، وربما نجد موقف غريباً معاكس حيث يفتح السوسيال تحقيقًا معاكسًا يُعرف بـ”شعور بالقلق”، يركز على البيئة المنزلية للطفل لمحاولة فهم أسباب تعرضه للمشاكل في المدرسة!، متسائلين عما إذا كانت هناك عوامل أسرية تسهم في ذلك!. وهو ما قد ينظر له البعض بشكل ساخر .. (فإذا تعرض ابنك للعنف أو مارس العنف في المدرسة ..في كل الأحوال سيتم التحقيق معك من قبل السوسيال لمعرفة هل أنت السبب ؟)
إحصائيات العنف في المدارس:
تشير التقارير إلى زيادة ملحوظة في حالات داخل المدارس السويدية. فقد ارتفعت البلاغات المقدمة إلى هيئة بيئة العمل السويدية بشأن العنف في المدارس بنسبة 150% خلال السنوات العشر الأخيرة. كما شهدت المدارس الابتدائية والمتوسطة زيادة في حالات
الجسدي بنسبة تصل إلى 60% خلال الخمسة أعوام الماضية.
كما تواجه المدارس تحديات كبيرة في التعامل مع حالات . في بعض الأحيان، يتم مساواة الجاني والضحية في معالجة الأمر، دون وجود حلول حقيقية تردع المعتدين. يعرف المراهقون العنيفون أن العقوبات قد تكون غير كافية، مثل الطرد المؤقت من المدرسة، مما يقلل من تأثيرها الرادع. هذا الوضع يترك الآباء في حيرة حول كيفية حماية ومساعدة أبنائهم المتعرضين إلى
.
أسباب التباين في الاستجابة:
قد يعود التباين في استجابة السوسيال بين حالات العنف الأسري و المدرسي إلى عدة عوامل: تحديد المسؤولية: في حالات
الأسري، تكون المسؤولية واضحة وتقع على عاتق الوالدين أو الأوصياء. أما في حالات
المدرسي، فقد يكون من الصعب تحديد المسؤوليات بين المدرسة، الأسرة، والطالب نفسه. كذلك نقص الموارد: قد تواجه المدارس نقصًا في الموارد والموظفين المؤهلين للتعامل مع حالات
بشكل فعال، مما يؤدي إلى تأخر التدخلات أو عدم فعاليتها. ولكن يجب ان لا نتجاهل الثقافة المؤسسية للسويد فهناك توجه داخل المؤسسات التعليمية لتجنب الاعتراف بوجود مشكلات عنف داخلها، خوفًا من التأثير على سمعتها أو تقييمها.
في الختام، يجب على القائمين على التشريعات السويدية أن يعترفوا بوجود مستجدات في المجتمع السويدي فهو لم يعد مجتمع أحادي الثقافة وإنما متعدد الثقافات، فالهدف الأساسي هو توفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال والمراهقين، سواء في المنزل أو في المدرسة. يتطلب ذلك تعاونًا وثيقًا بين جميع الجهات المعنية لضمان حماية حقوق الطفل وسلامته في جميع الأوقات.