
السلطات السويدية قد تضحى بجزء من المجتمع لدعم “حرية تعبير متطرف يستهدف تدمير المجتمع”
القانون وسيادة القانون وأمن المجتمع السويدي – وفقا للقوانين المعمول بها في السويد .. – لا يوجد حق مطلق للتظاهر في السويد ..فهو مشروط بسلامة الأمن والمجتمع وعدم نشر التطرف والعنف!، ووفقاً للفصل الثاني من قانون النظام العام تستطيع الشرطة إلغاء نشاط ما إذا أدى إلى اضطرابات خطيرة للأمن أو المجتمع !
ورغم وقوع هذه الأضطربات بالفعل .. استمرت السلطات السويدية في منح تصريحات واحد تلو الاخر للمتطرف راسموس ..حتى أنها منحت للمتطرف راسموس ترخيصين لمظاهرتين في يوم واحد فكان يــ القرآن في مدينة فتبدا المصادمات.. فينصرف لمدينة أخرى لــ
القرآن وتبدا مصادمات أخرى!
إذا عدنا لحالة تطرف مشابها سنجد أن الحكومة السويدية استهدفت مشايخ اسلاميين متطرفين يهددون المجتمع السويدي بأفكارهم المتطرفة ، و اتخذت إجراءات عابرة لقانون الحريات و التعبير عن الرأي من أجل الأمن العام للمجتمع السويدي – واحتجزت السلطات السويدية هولاء المشايخ “الستة ” لشهور لغرض ترحيلهم رغم عدم وجود أحكام قضائية أو تُهم جنائية ضدهم !
ثم تم ترحيل احد هولاء المشايخ من السويد إلى العراق عبر تركيا …وكان هذا خارج نطاق قانون الحريات والقانون المدني والجنائي ، حيث تم من خلال جهاز الاستخبارات السويدي تحت مبرر ترسيخ الأمن للمجتمع السويدي .
في المقابل تمسكت الحكومة السويدية بتطبيق قانون الحريات والتعبير عن الرأي الذي يسمح بحق التظاهر السلمي ومنحت راسموس بالودان تصريحات لتظاهرات متعددة في 6 مدن سويدية خلال يومين!
ولم تُكلف السلطات السويدية النظر في مدى الخطر على الأمن العام للمجتمع السويدي من فكرة تظاهرات في ستة مدن سويدية وخلال يومين !.. فهذا قد لا يبدوا حرية رأي ولا تعبير عن الرأي ! .. وإنما مخطط متطرف لاستفزاز واستهداف نسيج المجتمع السويدي وإلحاق الضرر به ونشر الأفكار و الخطاب المتطرف .. وهي نفس الفكرة التي قامت عليها حالة المشايخ الإسلاميين المتطرفين الستة حيث كان لهم أفكار تهدف للأضرار بالمجتمع فتم توقيفهم وحرمانهم من التعبير عن آراءهم المتطرفة.
أن التشابه بين الحالتين ليس للمقارنة فهناك تفاصيل أكثر تعقيد ، ولكن الحالتين هم صورة للتطرف المباشر في المجتمع السويدي ، بل أن تطرف شخص واحد وهو راسموس بالودان أدى لنشر الفوضى في السويد من جنوبها لشمالها وحرق سيارات وباصات وسيارات شرطة والعشرات من الإصابات ، بل وخلق رد فعل نفسي سلبي في الشارع السويدي أدى لانقسامات كبيرة في تقييم هذا المشهد .. لذلك لن أتحدث عن رد الفعل الغاضب اللا محدود للمتظاهرين فهو بالطبع مرفوض ويلحق الأذى المادي.. والبشري ويجعلنا نتألم .. ولكن معالجة المشكلة تبدأ من معالجة الفعل نفسه أولا ثم تحليل ودراسة رد الفعل !
أن السلطات السويدية تعنتت واستعرضت روعة قوانينها في حماية الحريات والتعبير عن الرأي في موقف وحالة ألحقت الضرر بالمجتمع السويدي وتسببت في خسائر مجتمعية أكثر من الخسائر المادية ، والمشاهد لهذا المشهد السريالي يعتقد أن السلطات السويدية قد تضحي بجزء من مجتمعها وسلامة أمنها من أجل شخص واحد متطرف لا يبحث عن حرية التعبير والرأي بل عن إلحاق الضرر بالمجتمع السويدي .
أن استغلال المشايخ الستة لحرية التعبير والحريات في السويد لنشر أفكار اعتبرتها السلطات السويدية متطرفة وضارة بالمجتمع .. جعلت السلطات السويدية تستخدم قواعد ” عابرة لقانون حرية التعبير عن الرأي ” لوقف هولاء المشايخ المتطرفين عن الاستفادة من منظومة الحريات ، وهو نفس ما يفعله المتطرف راسموس ..ولكن السلطات السويدية تصر على منحه الحق في نشر آراءه وأفكاره ونشر الفتن واستفزاز جزء من المجتمع السويدي ..
ليس مطلوباً من السلطات السويدية حماية ” نسخة من القرأن ” ومنع حرقها فهذا أمر أخر .. فالسويد دولة علمانية . ولكن على السلطات السويدية والسياسيين في السويد حماية الأمن العام للمجتمع وحماية نسيج المجتمع السويدي ، وحماية القيم والمبادئ المجتمعية من الأفكار المتطرفة ..فكما فعلت مع التطرف الإسلامي و أوقفته بدون منظومة قضائية .. تستطيع وقف هذا المتطرف الحاقد “راسموس بالودان” بنفس تلك القواعد العابرة لقوانين الحريات .. و إلا فالمتطرف راسموس هو الطعُم المفضل لآراء مشايخ التطرف لنشر أفكارهم ! .
المقال لا يعبر عن رأي المركز السويدي للمعلومات – المقال يعبر عن رأي كاتبه
لارس هينينغ أندرسون