
المسلمين في السويد من ألف شخص عام 1966 لمليون مسلم عام 2025 يشكلون 9% من السكان
عندما تتصادم أقلية سكانية في بلد صغير مثل السويد مع قيم المجتمع العلماني، فإن هذا التصادم سيتحول إلى ظواهر اجتماعية سلبية متعددة. والمسلمون في السويد أصبحوا معادلة صعبة للسياسيين السويديين، الذين يرون أن الإسلام كعقيدة قد يتعارض مع قيم المجتمع، وبالتالي سيكون صعوبة في تقارب القيم المجتمعية مع العقائد الدينية
ولكن، ما هي قصة الإسلام في السويد؟
الإسلام هو ثاني أكبر ديانة في السويد وأوروبا، وهو الأسرع نمواً خلال الخمسين عاماً الماضية. ووفقاً لتقرير مركز “بيو” للأبحاث، فإن نسبة السكان المسلمين في السويد بلغت 8.1٪ من إجمالي عدد السكان البالغ 10 ملايين نسمة (أي حوالي 875 ألف مسلم).
ويُقدّر أن أكثر من 65٪ من هؤلاء المسلمين يلتزمون بتعاليم الإسلام بدرجات متفاوتة. وتتركز نسبتهم الكبرى حسب التوقعات الإحصائية كما يلي:
عدد المسلمين في السويد وفقاً لجنسياتهم:
-
- 240 ألف سوري – 93٪ منهم مسلمون
- 210 آلاف عراقي – 82٪ منهم مسلمون
- 85 ألف من أفغانستان
- 85 ألف من الصومال
- 65 ألف فلسطيني
- 60 ألف من البوسنة وكوسوفو والشيشان
- 55 ألف من دول شمال إفريقيا – 95٪ منهم مسلمون
- 50 ألف تركي – 75٪ منهم مسلمون
- 30 ألف إيراني
- 25 ألف لبناني
- 100 ألف من جنسيات مسلمة أخرى
وبحسب التقديرات الإحصائية، يُتوقع أن يصل عدد المسلمين في السويد إلى 925 ألف مسلم في عام 2025، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع معدل الخصوبة ومتوسط عدد المواليد بين غالبية الجاليات المسلمة، إضافة إلى استمرار تدفق الهجرة، ليس من خلال اللجوء فقط، بل عبر هجرة العمل ولمّ الشمل الأسري.
ويمثل السوريون والعراقيون والفلسطينيون والأفغان والصوماليون أكثر من نصف عدد المسلمين، ويشكلون 5.6٪ من سكان السويد البالغ عددهم حوالي 10.5 مليون نسمة.
لكن وفقاً لدراسات محلية افتراضية، فإن أقل من نصف هذا العدد (925 ألف مسلم) يُعتقد أنهم ملتزمون فعلياً بتعاليم الإسلام بدرجات متفاوتة، بينما النصف الآخر مرتبط بالإسلام كهوية دينية رمزية.
ووفقاً للمصادر التاريخية، فإن أول المسلمين الذين وصلوا إلى السويد كانوا من تتار روسيا، وهاجرت أول جالية من أصول إسلامية إلى السويد بعد الحرب العالمية الثانية من فنلندا، وكانت من أصول تتارية، وأسسوا أول جمعية ثقافية في ستوكهولم.
وفي ستينات القرن الماضي، هاجرت أعداد كبيرة من العمال من تركيا ودول يوغوسلافيا الإسلامية مثل البوسنة والهرسك، ثم من دول المغرب العربي وشمال إفريقيا وفلسطين، وشكلوا ما يُعرف اليوم بالأقلية المسلمة في السويد. وبحلول نهاية الستينات، ارتفع عدد المسلمين من ألف إلى خمسة عشر ألفاً، معظمهم من يوغوسلافيا وتركيا، وكانت هجرتهم لأغراض العمل لا اللجوء.
وفي السبعينيات، تحولت أنماط الهجرة إلى السويد من هجرة العمل إلى الهجرة السياسية والإنسانية واللجوء، بسبب الحروب الأهلية والكوارث الطبيعية. فجاءت موجات جديدة من فلسطين ولبنان وسوريا وكردستان العراق، وطلبت اللجوء والإقامة في السويد.
وقد استقرت هذه المجموعات في المدن الكبرى، خاصة العاصمة ستوكهولم، ويوتيبوري، ومالمو، وأوبسالا. وكانت من أوائل الجاليات الإسلامية التي برزت في المجتمع السويدي، وبلغ عدد المسلمين في نهاية السبعينات حوالي خمسين ألفاً.
وفي الثمانينات، استمرت موجات الهجرة إلى السويد، ليس فقط بسبب الأزمات، بل أيضاً بسبب ما شهده الاقتصاد السويدي من ازدهار. وكان للبنانيين والفلسطينيين نصيب كبير من هذه الهجرة، بسبب الحرب الأهلية اللبنانية وتدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
وفي أواخر الثمانينات، شكّل اللاجئون الإيرانيون والأكراد العراقيون الكتلة الأكبر بين طالبي اللجوء، ووصل عدد المسلمين إلى أكثر من 150 ألفاً. ومع مطلع التسعينيات، بدأت ملامح الحياة الثقافية الإسلامية بالظهور بوضوح في السويد.
وفي التسعينيات، بدأ المواطنون السويديون بملاحظة تأثير الوجود الإسلامي في المجتمع. واستمرت موجات الهجرة، وتصدرت الجاليات البوسنية والصومالية والعراقية والكردية والأفغانية المراتب الأولى من حيث العدد، وشكّلوا مؤسسات دينية ووطنية في السويد.
وأصبح العراقيون والصوماليون والأفغان من أبرز الكتل الإسلامية المهاجرة. حيث ركز الصوماليون على بناء المساجد، بينما أظهر العراقيون اهتماماً أكبر بالثقافة الشرقية والهوية العربية، دون تركيز كبير على المظاهر الدينية، باستثناء التجمعات الشيعية التي أقامت فعاليات دينية. وبحلول عام 2010، أصبح العراقيون ثاني أكبر جالية مهاجرة في السويد بعد الفنلنديين.
ثم جاءت مرحلة الربيع العربي، التي مثّلت نقطة تحوّل كبيرة في تاريخ الهجرة إلى السويد، خاصة مع تدفّق السوريين والفلسطينيين من سوريا، حيث استقبلت السويد خلال الفترة 2013 – 2018 أكثر من 180 ألف سوري. وبحلول نهاية عام 2023، ارتفع عدد السوريين إلى نحو 225 ألف، لتُشكّل بذلك أكبر موجة هجرة من جنسية واحدة خلال فترة زمنية قصيرة.
ومع تزايد هذا التدفّق، ازداد الحضور الإسلامي في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في السويد، وانتشرت الثقافة والمظاهر الإسلامية في معظم المدن. وأسهم السوريون مع الجاليات الأخرى مثل الصوماليين والفلسطينيين، في ترسيخ مفهوم أن الإسلام جزء من النسيج الاجتماعي السويدي، وتأكيد أن السويد بلد متنوع ثقافياً ومتعدد الهويات.