
التلفزيون السويدي في سوريا: طوابير للحصول على المال .. الأموال تنفذ في سوريا! (فيديو)
في تقرير ميداني لافت، سلّطت قناة التلفزيون السويدي الرابعة (TV4 Nyheterna) الضوء على جانب حساس من الحياة اليومية للسوريين داخل سوريا، كاشفةً التناقض الصارخ بين محاولات العبور نحو “العهد الجديد” بعد انتهاء حكم نظام الأسد، وبين واقع اقتصادي مرتبك ما زال عاجزًا عن تلبية أبسط احتياجات الناس.
التقرير، الذي أُنجز من قلب دمشق، يرسم صورة مكثفة لبلد يحاول استعادة أنفاسه بعد ما يقارب 14 عامًا من الحرب الأهلية، لكنّه يصطدم بفوضى تنظيمية وضعف شديد في الإمكانيات، خصوصًا في القطاع المصرفي والمالي. فبرغم رفع بعض العقوبات الدولية وإدخال تغييرات على العملة، لا يزال الوصول إلى الرواتب والمدّخرات مهمة شاقة، أقرب إلى معركة يومية.
طوابير طويلة… ونقود تنفد
كاميرا TV4 وثّقت طوابير تمتد لساعات أمام البنوك وأجهزة الصراف الآلي، حيث ينتظر المواطنون بلا ضمانات. كثيرون يعودون إلى منازلهم خالي الوفاض بعد انتظار طويل، فقط لأن النقود نفدت من الأجهزة. التضخم المرتفع جعل التعاملات اليومية تتطلب كميات كبيرة من الأوراق النقدية، ما فاقم الأزمة وأغرق الشوارع في فوضى مالية.
إحدى المواطنات، دعاء ألفندي، تقول للقناة إنهم يضطرون للعودة مرارًا إلى الصراف الآلي على أمل سحب رواتبهم:
“نأتي أكثر من مرة، وأحيانًا ننجح وأحيانًا لا. الأمر مرهق ومعقّد، لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟”.
في البنوك العادية، لا يُسمح إلا بسحب مبالغ زهيدة: ما يعادل 600 كرون سويدي في المرة الواحدة، وبحد أقصى عمليتي سحب شهريًا. أما سحب المبالغ الكبيرة، فمحصور تقريبًا بـالمصرف المركزي، حيث تُنقل الأوراق النقدية في أكياس قمامة كبيرة، في مشهد يلخّص هشاشة النظام المالي.
شاهد الفيديو التلفزيون السويدي في سوريا
تحذير من الداخل
المشهد لا يقتصر على صعوبة تقنية، بل يحمل بُعدًا إنسانيًا ونفسيًا. المتقاعدة مجدولين موسى عبّرت عن غضبها بعد انتظار طويل انتهى بلا نتيجة:
“عندما وصل دوري، كانت النقود قد نفدت. كل هذا الانتظار بلا فائدة. هذا جنون”.
وتوجّه موسى تحذيرًا صريحًا للسوريين المقيمين في السويد ويفكرون في العودة:
“عليهم الانتظار… أو ألا يعودوا الآن. لا شيء يعمل بعد”.
عودة بين الحلم والواقع
التقرير يكتسب أهمية إضافية في ظل النقاش الدائر في السويد حول دعم العودة الطوعية، حيث يمكن للسوريين العائدين الحصول على مساعدات مالية قد تصل إلى 350 ألف كرون سويدي. لكن السؤال الجوهري الذي يطرحه تقرير TV4 هو: كيف ستصل هذه الأموال إلى أصحابها في بلد يعجز فيه المواطن عن سحب راتبه الشهري؟
ما بين محاولات إدخال مظاهر حداثة وتقنيات مساعدة للحياة اليومية، وبين واقع يتسم بالفوضى وضعف الإدارة وقلة السيولة، تكشف TV4 صورة بلد يقف في منطقة رمادية: لا هو في قلب التعافي، ولا هو قادر بعد على تجاوز إرث الانهيار.
إنه تقرير لا يكتفي بنقل الأرقام، بل يضع المشاهد أمام تفاصيل الحياة اليومية للسوريين، ويطرح سؤالًا مفتوحًا:
هل تكفي نهاية نظام وبداية “عهد جديد” دون بنية قادرة على إدارة أبسط حقوق الناس؟









