أولف بالمه: رئيس الوزراء السويدي الذي لقى مصرعه مع زوجته في أحد شوارع ستوكهولم؟
نسمع كثيرا في وسائل الإعلام السويدية عن قضية مصرع رئيس الوزراء السويدي أولوف بالمه (30 يناير 1927 – 28 فبراير 1986) ، وربما لا يعلم الكثير من هو ولماذا الاهتمام الكبير بهذه الشخصية ولماذا وكيف ؟،،،
لمعرفة ذلك فلنعود إلى ما قبل أكثر من 38 سنة حيث خرج رئيس وزراء السويد أولف بالمه مع زوجته في ليلة الجمعة لحضور فيلم سينمائي لكنه لم يعد أبداً.
كان بالمه شخصية مثيرة للجدل وصريحاً بطرح آرائه داخل السويد وخارجها، أثناء ولايته الثانية لإدارة بلاده. ومع ذلك كان يصر على العيش حياة طبيعية قدر المستطاع. ويبدو أنه في تلك الليلة طلب من مسؤولي حمايته كما جرت العادة أغلب الأحيان الانصراف.
وقبل حلول منتصف الليل بقليل، أثناء عودتهما إلى منزلهما سيراً على الأقدام، أصيب رئيس الوزراء بعيار ناري في ظهره من مسافة قريبة، فسقط ميتاً على الأرض. على زوجته ليزبت.
ولم يتم العثور على وقعت في أكثر شوارع السويد ازدحاماً، كما أن شوهدت من قبل أكثر من 12 شخصاً، حيث وصفوا بأنه رجل طويل القامة ، فرَّ هارباً من مكان الحادث .
الآن، بعد أكثر من 34 عاماً على الحادث، أعلن مكتب المدعي العام السويدي أنه سيقدم نتائج تحقيقه الجنائي ولكن جاءت نتائج التقرير غامضة أيضاً.
وقال رئيس الادعاء كريستر بيترسون، للتلفزيون العام السويدي في فبراير/ شباط : 2020 “آمل أن اشرح كيف وقعت تلك ومن المسؤول عنها”.
ومن غير المعروف إلى الآن تفاصيل ما حدث ولماذا حدث … لتستمر القصة غامضة بدون إجابة.
وقال مارتن بالمه، نجل أولوف بالمه وآخر من رآه على قيد الحياة، في وقت سابق من هذا العام: “لدى الشرطة السويدية أدلة لا تريد الكشف عنها “. ويعتقد مارتن أن الأمر قد يتعلق بالسلاح الذي استخدمه الجاني والذي لم يعثر عليه مطلقاً.
وقال لصحيفة “أفتونبلاديت” السويدية، إذا كان هناك شخص يعرف شيئا مهما ولم يتقدم به، فمن الواضح أنه حان الوقت للقيام بذلك”.
من هو أولف بالمه؟
ينحدر أولوف بالمه (مواليد 1927 ) من أسرة سويدية أرستقراطية. وانضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 1949 وصعد ليقود الحزب و السويد في عام 1969،
كان
يحظى باحترام شريحة كبيرة من السويديين”. لا يزال كثيرون إلى يومنا هذا يقومون بوضع الزهور في الموقع الذي وقع في الحادث .كيف مات؟
في ليلة 28 فبراير/شباط 1986 كان بالمه قد رفض مسبقا مرافقة الحراس له، وعندما عاد إلى المنزل واقترحت زوجته أن يحضرا فيلماً سينمائياً بشكل مفاجئ، وتحدثت ليزبت مع ابنهما مارتن، الذي كان قد اشترى تذكرتين لحضور السينما له ولصديقته لحضور فيلم كوميدي.
غادر بالمه وزوجته منزلهما بدون أي مرافقة أو حراسة ، واستقلوا قطار مترو الأنفاق من البلدة القديمة التي يسكنوها إلى مركز مدينة ستوكهولم ، والتقيا بابنهما وصديقته خارج السينما الرئيسية في حوالي الساعة التاسعة مساءً. ثم افترقوا بعد حضور الفيلم، وتوجه بالمه وزوجته نحو “سفيفاغن”، الشارع الأكثر ازدحاماً في السويد.
وعند زاوية الشارع، في تمام الساعة ( 11:20 مساء )، ظهر رجل طويل القامة خلف بالمه وأطلق رصاصتين، واحدة مباشرة على ظهره من مسافة قريبة، والأخرى على ليزبت.
ثم جرى الرجل هارباً عبر الشارع وصعد الدرج إلى شارع مجاور، واختفى.
كان خبر اغتيال بالمه صاعقة صدمت السويديين. كانت وقتها شارلوتا والستن، الصحفية السويدية تبلغ من العمر 12 عاماً فقط، لكنها تتذكر والدها عندما كان يقول لها أن شيئاً فظيعاً حدث في السويد عندما استيقظت في صباح اليوم التالي.
وقالت لبي بي سي: “كانت كل الأخبار والبرامج التي تعرض على التلفاز تتعلق بكيفية اغتياله على الملأ في الشارع”.
كانت السويد في حزن وصدمة ، كل الشعب يعيش في حالة صدمة”. وتتذكر والستن كيف كانت إدارة مدرستها تشعل الشموع حداداً عليه.
وتقول: “عندما وقع الحادث، لم تكن لأخبار السياسة أي أهمية… بل كانت الصدمة أن شيئاً كهذا لم تشهده السويد من قبل”.
وبدا أن رجال الشرطة أيضاً كانوا في حالة ذهول. فلم يطوقوا موقع الحادث بشكل صحيح، بل أغلقوا منطقة صغيرة جداً في وسط المدينة في الساعات التي تلت هروب الجاني.
وذهب المشيعون بعد رفع الطوق إلى مكان الحادث الذي كان لا يزال ملطخاً بـــد ماء بالمه. وغادر الشهود مكان الحادث حتى قبل أن يتم استجوابهم. ولم يُعثر على إحدى الطلقات النارية إلا بعد أيام من قبل أحد المارة.
من الجاني؟
على الرغم من العدد الكبير من الشهود، إلا أن الشرطة لم تمتلك سوى خيوط قليلة للجر يمة. وأوضح الدكتور بونديسون – الطبيب الشرعي – أن الرصا صات التي عُثر عليها، تشير إلى أن الجاني استخدم مسـ..ــدس Magnum وهو “سلاح قوي جداً” تستخدمه أجهزة مخابرات ومؤسسات أمنية كبرى بالعالم .
“فحتى لو كان بالمة يرتدي سترة مضادة للرصاص لكان قد لقى مصرعه لان ال مسـ..ــدس مخصص لعمليات اغتيال دولية تخترق الدروع . لذلك تم التنفيذ من قبل شخص كان مصمماً على تنفيذ جريمته، ولم يكن ذلك أمراً عابراً بل خطط له بشكل كامل”.
وأثار كبير المحققين في القضية، فكرة تورط حزب العمال الكردستاني الذي كان يخوض حرب عصابات ضد الحكومة في تركيا، بالجر يمة لأن حكومة بالمه أعلنتها في ذلك الوقت جماعة إرهابية. لكنه أُجبر على الاستقالة بشكل مخزٍ عام 1987 بعد مداهمة مكتبة – كانت بمثابة مقر للحزب ولم يعثر على أي دليل على تورط الحزب في الحادث.
جاءت ايضا اتهامات للعنصريين في جنوب أفريقيا ، أو لعناصر مخابرات أجنبية ، وفي عام 1988 ألقت الشرطة القبض على المجرم كريستر بيترسون، الذي رجلاً في أحد شوارع ستوكهولم طعناً بحربة عسكرية في عام 1970 دون سبب، وكانت صفاته تتطابق مع شخص شوهد وهو يتصرف بشكل مريب بالقرب من السينما في الليلة التي فيها بالمه.
وخلال عرض الوجوه المشتبه بهم في مركز الشرطة، ميّز الشهود وجه المتهم وقالوا إنه الجاني. فأدين وحكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 1989.
لكن محاميه استأنف الحكم مباشرة، وصدرت براءته، لأن تم أثبات وجوده بمكان اخر خارج ستوكهولم وقعت وقع الجر يمة ، فأفرجت عنه المحكمة بعد ثلاثة أشهر فقط من حكمه بالسجن مدى الحياة، ومنحته حوالي 50 ألف يورو كتعويض. وتوفي بيترسون في عام 2004 وهو حر طليق.
لقد ولد الحادث ذهول لدى السويديين وهوسهم بعملية الاغتيال عشرات النظريات وحتى مصطلح ثابت سمي بـ “بالمه سوجوكدوم” أي هوس بالمه.
وفي نهاية المطاف، لا يعتقد الخبراء أنه سيكون هناك الكثير من المعلومات الجديدة التي سيعلن عنها في يونيو 2020 كما قالت الشرطة السويدية . ” يعتقد الخبراء أن الأمر في الأخير سينتهي كمفرقعة فارغة. فمن فعل هذا الحادث قد فعلها لتدفن لأخر التاريخ ،،،، لكننا ننتظر ونرى”.