وسائل إعلام دولية تتحدث عن التمييز في القطاع الصحي السويدي لمن لديهم ” أسماء غير سويدية”
تتزايد التقرير داخل وخارج السويد عن انتشار ظاهرة التمييز داخل القطاع الصحي السويدي ، وبعد أن نشر التلفزيون السويدي تقارير عديدة حول هذه الظاهرة ، نشرت وسائل إعلام دولية أيضاً تقارير عن هذه الظاهرة مثل شبكة سي أن أن الأمريكية وقناة الحرة الأمريكية ووكالة فرنس برس الفرنسية .
وجاء في تقرير قناة الحرة الأمريكية أن قيام السويد بإصلاح مجال الرعاية الصحية في السويد قبل أكثر من عشرة سنوات أدى للسماح بحق المرضى باختيار طبيبهم الخاص، وهذا أدى بدوه إلى تمييز واسع النطاق ضد الأطباء ذوي الأسماء الأجنبية ، حيث يتم اختيار الطبيب وفقاً لاسمة السويدي ورفضه لو كان اسمه غير سويدي ، كذلك يتم استقبال المرضى وتصنيفهم في الاهتمام وفقاً لأسماءهم السويدية وغير السويدية. المصدر من هنا
وروى نافيد غان (30 عاما) لوكالة فرانس برس “عندما كنت أعمل في مجال الطب النفسي، ألغى مريض موعده معي ثلاث مرات لأنه لم يكن يريد أن يعالجه ‘طبيب أجنبي’.
وأضاف “في النهاية، لم يكن لديه خيار آخر، كنت الطبيب الوحيد المتاح. أثناء الموعد، ورغم أنه أدرك أنني أتحدث السويدية بدون لكنة، قال لي أنتم الأجانب، لا تفهمون أي شيء”.
وغان الذي تم تغيير اسمه بناء على طلب منه لحماية هويته، ليس “أجنبيا”… فهو نشأ وحصل على شهادة الطب في السويد.
وهو قال “الآن أنا وزملائي نمزح بشأن هذا الأمر في غرفة الطعام. يصل ممرضون ويقولون، لقد ألغوا الموعد مجددا عندما رأوا اسمك”.
منذ العام 2010، كجزء من إصلاح أوسع لنظام الرعاية الصحية الشامل في السويد الذي فتح الرعاية الصحية الأولية للقطاع الخاص، سمح للمرضى باختيار أطبائهم والعيادات التي يرغبون في الذهاب إليها.
قبل الإصلاح، كانت تخصص العيادة بناء على مكان السكن.
لكن مع احتدام التوتر إزاء تزايد الهجرة في السويد المتجانسة تقليديا، أتاح الإصلاح للمرضى إمكان رفض الحصول على علاج لدى أطباء أجانب.
وأظهرت الإحصاءات أن السويد شهدت تضاعف عدد سكانها من المهاجرين خلال العقدين الماضيين، كما ارتفع الدعم لحزب “ديموقراطيو السويد” المتطرف إلى 20 في المئة ليصبح ثالث أكبر حزب في البلاد.
“منافسة محتدمة”
يرأس لارس أرينيوس مكتب أمين المظالم الخاص بشؤون المساواة في السويد، وهو هيئة حكومية تعنى بالمساواة ومكافحة التمييز.
وهو أقرّ بأن اختيار الطبيب بالاستناد إلى أصله العرقي “ظاهرة مقلقة”.
وفي أواخر مارس، وقّع 1011 طبيبا وطالبا يدرس الطبّ نداء نشر في صحيفة “إكسبرسن” لمطالبة “السلطات المسؤولة بالتصدّي للعنصرية” في مجال عملهم.
وفي يوليو، نشرت “داغنز نيهيتر”، أوسع الصحف انتشارا في البلد، سلسلة استقصائية تكشف هول هذه المشكلة في السويد.
وفي سياق هذا التحقيق، انتحل صحفيون صفة مرضى انتقلوا منذ فترة قصيرة إلى مدينة أو بلدة ما واتصلوا بمئة وعشرين عيادة، مطالبين بأن يكون طبيبهم الجديد سويدي أصيل.
وفي المجموع، قبلت 51 عيادة طلبهم، في حين ردّته 40 أخرى. ولم تقل سوى قلّة قليلة من هذه المراكز بكلّ وضوح إن طلبهم غير مقبول.
وقالت سكرتيرة طبية لأحد الصحفيين “لدينا ماريا وسانا وإلسا. وهنّ ثلاث نساء من ذوات البشرة الفاتحة”.
وأكّدت مارتا ستينيفي وزيرة المساواة بين الجنسين التي تتولّى وزارتها التصدّي للتمييز أن هذه الممارسات “غير مقبولة بتاتا”، وذلك بعد لقائها العديد من الفاعلين في قطاع الرعاية الصحية لمواجهة هذه المشكلة.
وكشفت مادلين ليلييغرين التي ترأس جمعية الأطباء السويديين المبتدئين أن العيادات غالبا ما تلبّي هذه الطلبات بسبب “المنافسة المحتدمة بين المراكز الصحية على استقطاب الزبائن”.
فكلّما ازداد عدد المرضى في عيادة ما، ازداد التمويل المقدّم لها من الدولة.
مسألة التواصل
وقالت ليلييغرين إن “الممرضين يوافقون على هذا الطلب، على فداحته، حفاظا على الزبائن”، مشيرة إلى أن بعض العيادات لا تضمّ ما يكفي من الزبائن لتبقى صامدة من الناحية المالية.
وكشف ماكيه فاتلاهي، وهو طبيب في محافظة كرونوبري الجنوبية غُيّر أيضا اسمه بطلب منه، أن بعض المرضى يشعرون بالقلق إزاء مسألة التواصل.
وأوضح الطبيب البالغ من العمر 28 عاما لوكالة فرانس برس “المشكلة هي أنهم لا يرون سوى اسمي عندما يأخذون موعدا. ولا تتسنى لك فرصة التواصل معهم شخصيا قبل نبذك”.
ولا يُعرف بالتحديد عدد حالات التمييز التي تطال الأطباء ذوي الأصول الأجنبية في السويد.
وفي العام 2020، قدّمت أكثر من 3500 شكوى من هذا النوع لأمين المظالم المعني بشؤون المساواة، 1146 منها قائمة على أساس “الأصول الإثنية”.
ويعوّل نظام الرعاية الصحية في السويد إلى حدّ بعيد على العمّال المهاجرين الذين غالبا ما يعيّنون كمعاوني تمريض. وفي العام 2020، حصل 2401 طبيب على إجازة طبية في السويد، قرابة نصفهم استحصلوا على شهاداتهم التعليمية في الخارج.
وأقرّ نافيد غان بأنه لا يشعر بدعم من رؤسائه، رغم أنهم عاينوا التمييز الذي يقاسيه.
ويشتكي أطباء كثيرون يحملون أسماء أجنبية من نقص في الإجراءات الداخلية في مواقع العمل للتطرّق إلى حالات من هذا القبيل.
وقال غان “ينتهي الأمر بك بعدم إيلاء أهمية للممارسات التمييزية. وإذا كان المريض فعلا في حاجة إليّ، أهتمّ به متجاهلا تعليقاته. لكن إن لم تكن الحال كذلك، أطلب من زميل أن يحلّ محلّي”.