لاجئون في جنوب إيطاليا.. “تتم معاملتنا بشكل جيد وننتظر الردود على طلبات لجوئنا”
أحمد* وخالد* ومحمود*.. ثلاثة مصريين وصلوا إلى كالابريا جنوب إيطاليا قبل نحو 20 يوماً، والآن هم يعيشون في مركز “سانتانا” بالقرب من مدينة كروتوني، بانتظار قرار السلطات بخصوص طلبات لجوئهم. فريق مهاجر نيوز زار المركز واستمع إلى شهاداتهم.
في محطة الحافلات الرئيسية في مدينة كروتوني جنوب إيطاليا، تجمع مهاجرون للحاق بحافلة الساعة الثانية بعد الظهر المتوجهة إلى مركز “سانتانا” لاستقبال المهاجرين وطالبي اللجوء. بمجرد المرور بجانب هذه المحطة، يمكن سماع اللهجة المصرية التي يتحدثها معظم هؤلاء المهاجرين.
على الرصيف بمحاذاة المحطة، يجلس أحمد* وخالد* ومحمود*، مصريون ثلاثة تعرفوا على بعضهم على متن قارب الهجرة الذي صعدوا عليه قبالة مدينة طبرق الليبية قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، والآن هم يعيشون معاً في مركز “سانتانا” ويتشاركون الأحلام بالحصول على اللجوء والاستقرار في إيطاليا.
تعتبر الجنسية المصرية ثاني أكثر جنسية يحملها المهاجرون الذين وصلوا خلال العام الجاري إلى السواحل الإيطالية، بعد التونسية. فبحسب وزارة الداخلية الإيطالية، وصل 14.194 مصرياً منذ بداية هذا العام حتى 30 أيلول/سبتمبر.
كما ذكر تقرير لـ”euobserver”، أن السلطات المصرية ستتلقى مبلغ 80 مليون يورو من المفوضية الأوروبية، لمحاولة مواجهة الهجرة غير الشرعية للمصريين.
قال أحمد، وهو أب لثلاثة أطفال ويبلغ 39 عاماً، وكان يعمل سائق شاحنة في مصر، “كلفت الرحلة كل واحد منا 110 آلاف جنيه مصري (5725 يورو). في البداية ركبنا في زورق صغير لمدة 45 دقيقة، ثم نقلونا إلى مركب كبير، عبارة عن طابقين ومقسم إلى حجرات. كان عددنا نحو 370 مهاجراً وقضينا ثلاثة أيام ونصف في البحر. خلال الرحلة كان هناك بعض الماء للشرب والتمر للأكل فقط. لكن مع دوار البحر، لم تكن لدينا أي رغبة في الأكل أو الشرب. كان المهاجرون من مصر وسوريا وبنغلادش، وكان معنا أربع عائلات سورية. خلال الليل لم يكن أمامنا سوى محاولة النوم، فالظلام يحيط بنا من كل اتجاه، وكل شخص يبقى في ركنه طوال الرحلة ولا يتحرك، لأنه لا مجال للحركة”.
قاطعه خالد (36 عاما) وكان يعمل فلاحاً، “كان طاقم السفينة مكونا من خمسة أفارقة. أحد المهاجرين كان سورياً يتحدث الإيطالية، قام بالاتصال بالجهات الإيطالية، وعندما أخبروه بأنهم قادمون للمساعدة، ركب طاقم القارب زورقا صغيرا وعادوا باتجاه ليبيا. ثم جاء الإيطاليون، ونقلونا إلى قارب كبير وأعطونا طعاماً وشراباً، ونقلونا إلى ميناء هنا”.
تابع أحمد “تعامل الإيطاليون معنا بشكل جيد، منذ إنقاذنا حتى هذه اللحظة. كل ما يطالبون به في المركز هنا هو عدم القيام بأي شغب، عدا عن ذلك، فهم يقدمون لنا كل ما نحتاج. يقدمون لنا طعاماً جيداً وبكميات كافية، ونلتحق هنا بدروس لغة إيطالية، ويوجد مستوصف في حال احتجنا لرعاية صحية. وعندما نذهب إلى وسط مدينة كروتوني (يسمح لهم بمغادرة المركز بين الساعة الثامنة صباحاً والثامنة مساءً)، نرى الناس يبتسمون لنا ويتعاملون معنا باحترام. لم نر أي معاملة سيئة في إيطاليا”.
وفقاً لإنيانزو مانجيوني، منسق الصليب الأحمر المسؤول عن المركز، يصل المهاجرون إلى المركز وبعد إنهاء إجراءات تسجيلهم، ينقسمون إلى قسمين، من يرفضون طلب اللجوء، ككثير من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين وغيرهم، وهؤلاء يتم إعطاؤهم قرارا بوجوب مغادرة الأراضي الإيطالية خلال فترة سبعة أيام، لكنهم يحاولون خلالها عبور الحدود مع دول أوروبية أخرى. أما المجموعة الأخرى من المهاجرين، فيقررون طلب اللجوء، كالمصريين المتواجدين في المركز، وبالتالي يبقون في المركز ويستفيدون من الخدمات المقدمة به حتى صدور قرار بخصوص طلبات لجوئهم.
وعند سؤاله عن قرار الهجرة، قال أحمد “لم يكن قراراً سهلاً، خاصة أن لدي ثلاثة أطفال في مصر، وأنوي جلبهم إلى هنا بمجرد أن أحصل على أوراق اللجوء وأجد عملاً. لكني كنت مجبراً على أخذ هذه الخطوة، لم أكن قادراً على توفير مستلزمات أسرتي والحياة أصبحت مكلفة جداً في مصر، ولا يوجد أي أفق واضح لنا. لذلك استدنت المال وانطلقت إلى المجهول”.
أما محمود وهو أصغرهم سناً، حيث يبلغ 24 عاماً وكان يعمل ميكانيكيا للسيارات في مصر، فقال “بمجرد أن وصلت إلى إيطاليا، شعرت بأنني عدت إلى الحياة. الرحلة كانت أشبه بموت بطيء، القارب كان يتحرك مع كل موجة، وقلوبنا كانت تهتز معه. عندما اتصلت بوالدتي وأخبرتها بأنني على قيد الحياة، فقدت وعيها من الفرحة. لم تكن عائلتي راضية عن قراري بالهجرة عبر البحر، لكن حياتي كانت صعبة جداً في مصر، ولا يوجد أي مستقبل لي. الآن قدمت طلب لجوء هنا حالي كحال رفاقي، يوجد الكثير من المصريين هنا من محافظات مختلفة من الجمهورية، جميعنا أتينا لأسباب تتعلق بصعوبة الحياة وعدم وجود فرص عمل، ونحلم بأن نبني حياة جديدة”.
وتعتبر مقاطعة كالابريا بشكل عام، بوابة للمهاجرين القادمين عبر البحر المتوسط إلى القارة العجوز، حيث شهدت موانئها منذ نحو عامين، وصولاً متزايداً لقوارب المهاجرين القادمة من ليبيا وتركيا ولبنان، خاصة في كروتوني وروتشيلا يونيكا.
وفقاً لجيوفاني بيرنا، المنسق الميداني لمنظمة “أطباء بلا حدود” في ميناء روتشيلا يونيكا، فإن المهاجرين القادمين على متن سفن خشبية كبيرة من ليبيا، عادة ما يرون لامبيدوزا أثناء رحلتهم، ولكنهم يقررون ألا يتوقفوا وأن يتابعوا طريقهم باتجاه كالابريا، ما يعني يومين أو ثلاثة أيام إضافية في البحر، “لأنهم يحظون بحرية حركة أكبر في كالابريا، مقارنة بلامبيدوزا”.
وبحسب وزارة الداخلية الإيطالية، وصل إلى إيطاليا منذ بداية العام الجاري حتى 30 أيلول/سبتمبر الماضي، 71,325 مهاجراً، معظمهم تونسيون ومصريون. بينما وصل خلال العام الماضي 46,329 مهاجراً.
المصدر موقع مهاجر نيوز -dw التلفزيون الألماني