صورة المسيح الأسود في كاتدرائية سانت أولبانز “رسالة جريئة” تُعيد الجدل ..المسيح أبيض أو أسود ؟
أعتبر أنصار حملة “حياة السود مهمة ” أن وضع صورة للمسيح ابن مريم في لوحة العشاء الأخير في مذبح كاتدرائية مدينة سانت أولبانز بانجلترا بأنها “رسالة جريئة” حيث يظهر فيها المسيح ببشرة “سوداء” .
بينما قالت الكاتدرائية في بيان أصدرته إنها “تدعم حركة حياة السود مهمة – وأن لون بشرة المسيح هو يعبر عن كل البشرية”.
صورة المسيح ببشرة سوداء رسمتها الفنانة لورنا ماي وودسوورث، عام 2010 ، وتم وضعها في كنيسة بمقاطعة غلوسترشير في بريطانيا ، وبسبب هذه الصورة عاد جدل أيضا حول هل المسيح أسود أو أبيض أو خمري – هناك فرق كبير بين صورة المسيح كما روج لها الأوربيون بانه أبيض بعيون وشعر ملون ، وبين الصورة الأقرب للواقع كما أثبت العلم الحديث حيث لم يكن المسيح بهذه المواصفات !.
أهمية السؤال تعود لإظهار أن نفوذ الأوروبيون في ترسيخ صور الحياة والحضارة والدين بمواصفات أوروبية هو أمر خاطئ ، فهل كان المسيح أشقر أبيض اللون وملون العين والشعر فعلا كما تصوره لوحات عصر النهضة الأوروبية وما تلاها من لوحات أوروبية؟ أم كان أسمر كما يدعي العديد من المسيحيين السود؟ أم تراه كان خمريا كــ لون أهل منطقة الشرق الأوسط الذي هو منهم وكما جاء وصفه في بعض الكتابات اليهودية ، و أحاديث نبوية إسلامية ؟
وقالت حركة (سانت أولبانز من أجل حياة السود مهمة) إن خطوة الكاتدرائية “فتحت باب الحوار في أنحاء البلاد” ليس حول لون المسيح ولكن حول حقوق البشر الملونين.
وقالت الكاتدرائية إن الصورة الضخمة، ويبلغ ارتفاعها مترين وستين سنتيمترا، هي إحدى المعروضات بمناسبة إعادة افتتاح الكاتدرائية ودعت الناس إلى “النظر من جديد إلى أمر تظنون أنكم تعرفونه”.
وسيبقى لون المسيح مسألة لا يمكن لأحد تقديم الدليل القاطع عليها،. ولكن هناك بعض الثوابت العلمية التي يمكن تقديمها بكثير من الثقة. أولى تلك الثوابت هي أن الصور والتماثيل التي لدينا هي في الغالب الأعم من إفراز العقل واليد البيضاء الأوروبية التي جعلت كل شيء مميز أبيض اشقر بلون بشرتهم.
لقد صور الغرب صور المسيح على أنه ذلك الشاب الوسيم الأبيض بالشعر الكستنائي المنسدل والعيون الملونة… الذي يشع نورانية إلهية. ولكن الثوابت التي التاريخية تشير أن المسيح لم يكن أبيض البشرة أبدا فلم يكن كــ بياض القوقازيين ولا بياض أوروبا الغربية، ولا كان شعره طويلا مسترسلا ولا عيونه ملونة كما تصوره الثقافة الغربية الأوروبية.
ويعتقد آخرون إن ملامحه كانت أقرب للشكل الشرق الأوسطي المصري أي خمري اللون كثيف الشعر جعد ويضربون دليلا على ذلك بأنه عاش طفولته في مصر ولم يلفت النظر إليه كأجنبي عن البلاد ولم يكن ذو شكل مختلف .
لكن المؤكد هو أن المسيح لم يكن ذا بشرة بيضاء ولا أشقر ، كما تصوره الكنائس الغربية والمعارض الفنية والتماثيل التي تحاول أن تضع ملامح العرق الأوروبي الغربي على المسيح كأنه ينتمي عرقيا لأوروبا ، وهذا يخالف أن المسيح من بلاد الشرق “الشام” وينتمي لسلالة بني إسرائيل وهي سلالة شرقية لم تكن شقراء ابداً ولا تحمل جينات شقراء إلا بعد الاختلاط الأوروبيون .
واليهود كــ نسل بني يعقوب خليط بين الأبيض والأسود والخمري ، في وقت لا يوجد فيه وصف مادي لشكل “المسيح” في ” الانجيل” الكتاب المقدس للمسيحيين، بحسب روبن جبرتون. الباحث في الأكاديمية المختصة بالدراسات التوراتية بكلية ترينيتي بجامعة اللاهوت الأسترالية.
ولا شك في أن المسيح التاريخي الذي عرفه العالم قبل أكثر من ألفي عام كان ذا لون ” معتدل بين البياض والسمار” أي ملامح أقرب للملامح الشرق أوسطية – وهو اقرب للون المصريين اليوم ، بحسب مقال الكاتبة لمنصة كونفيرذيشن.
يقول العلماء الذين تابعوا العرق “الإسرائيلي” إن المسيح لم يكن أوروبي الشكل لا من قريب ولا من بعيد ولكنه لم يكن أسود أبدأ ، فالبشرة السوداء ليست بشرة الشرق الأوسطيين فهي بشرة سكان وسط وجنوب افريقيا، وحتى يهود الفلاشا الافريقيين ذو البشرة السوداء هم يهود ليسوا سلالة مباشرة من الجد الأكبر لبني إسرائيل يعقوب .
بينما يؤكد أصحاب نظرية اللون الغامق لبشرة المسيح كلامهم بقولهم إن الكنيسة الإثيوبية، وهي الأقدم قبل كافة كنائس أوروبا، صورت المسيح على أنه أسمر البشرة. وحتى إذا رفض علماء الأنثروبولوجيا هاتين النظريتين، فلن يمكنهم القول بأن المسيح كان يشبه نجوم السينما في هوليود بأي حال من الأحوال.
وقد أثار تعليق اللوحة في الكاتدرائية جدلا على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بين وجهة النظر المتسائلة “لماذا نركز على عنصر اللون؟ إذا كان المسيح من القدس لربما كان لونه داكنا إلى حد ما، لكنه علمنا أن نحب الجميع وان ننشر المحبة ، هذا هو اعتقادي على أي حال”،
أخيراً ماذا يقول الدين الإسلامي عن شكل المسيح ؟؟
يذكر النبي محمد ﷺ .. وصف المسيح بالقول ” رجل قوي البُنية، متوسط الطول، عريض الصدر. شعره باهت، مجعد، طويل يقع بين كتفيه. بشرته مُشربة بالحُمرة، أو بِلَون بُنّي خفيف. أشبه الناس به عروة بن مسعود الثقفي – وهذا الوصف الوحيد الواضح الذي جاء في أثر ديني تاريخي قديم عن شكل المسيح .المصدر